السبت، 26 ديسمبر 2015

الصهيونية وحزب الله اللبناني

الحديث عن الصهيونية العالمية ليس حديثاً عن الغول أو السعالي أو عنقاء مغرب، بل هو حديث عن حقيقة ثابتة وأمر واقع وملموس، فلم تعهد هياكلها وأذرعتها وغاياتها ووسائلها خافية على أحد، إلا على من يدسون رؤوسهم في الرمال كالنعام حتى لا يروا الحقيقة الماثلة للعيان.
لقد انكشف وجه الصهيونية القبيح بشكل لم يسبق له مثيل في السنوات القليلة الماضية، كما انكشف كثير من أدواتها وعملائها كنظم أو أحزاب أو مليشيات أو أفراد، وحيث إن الصهيونية العالمية لم تبلغ حتى الآن ما تحلم به وتتمناه في المنطقة العربية، فلا بد من إعادة تأهيل أولئك العملاء على مختلف مسمياتهم وأحجامهم، وحصل هذا فعلاً مع النظام العراقي لكنه لا يزال عصياً على التأهيل مما ينذر بكارثة حقيقية للمخطط الصهيوني، والجديد في هذا الموضوع هو إعادة تأهيل حزب الله اللبناني، هذا الحزب الذي لعب دوراً كبيراً في العقدين الماضيين، ومكن للصهيونية العالمية في بلاد الشام، كما ساهم بشكل واضح في قتل الشعب السوري واستباحة دمه وماله وعرضه وأرضه، وذلك من خلال وقوفه إلى جانب النظام الباطني الطائفي في دمشق أحد أهم وأبرز حلفاء الصهيونية العالمية في هذا العصر. يأتي هذا التأهيل كخطوة أولى من خلال الحادث الأخير الذي نفذه الصهاينة في القنيطرة السورية، وأسفر عن قتل عدد من مقاتلي حزب الله وعدد من العسكريين الإيرانيين، فهذه العملية الإسرائيلية قد يتبعها رد من هذا الحزب في المقابل، ويصحب ذلك تحريك المنظومة الإعلامية الصهيونية ذات الوجوه والألسن المتعددة، لتعيد على الأسماع حكاية المقاومة والممانعة التي أصبحت من أكاذيب الماضي وتجاوزها حتى الأطفال في العالم العربي، وتأتي إعادة تأهيل هذا الحزب لكونه يمثل رأس الحربة الحقيقية للصهيونية في حربها الشرسة والسافرة على العالم العربي والإسلامي، ولهذا عملت الصهيونية العالمية على استنساخه تحت أسماء جديدة كما هو حاصل في اليمن والعراق والبحرين، وربما تسفر الأيَّام القادمة عن أسماء دول يجري استنساخ هذا السرطان داخل مجتمعاتنا في ظل انشغال أهل الرأي فيها بالحروب الوهمية والعداوات المختلفة التي صنعتها لهم الصهيونية العالمية.
لكن السؤال المهم هو: ما ثمن هذا التأهيل؟
هل ستكتفي الصهيونية بسقوط أفراد من هذا الحزب كضحايا لتبييض صفحة هذا الحزب كما تتوهم، أم سيكون هناك سقوط لأسماء وشخصيات كبيرة قد استهلكت في الأزمة السورية والعراقية ويجب إسقاطها، كما سقط عماد مغنية وعبد الكريم عبيد سابقاً يبدو أن هذا هو المتوقع!!
إن لجوء الصهيونية العالمية إلى مثل هذا المسلك في مثل هذه الظروف له نظائر كثيرة في تاريخ الأشرار من بني آدم، وهو على كل حال مصير كل الخونة والعملاء مع ما يتبع ذلك من خزي الآخرة إن كانوا يؤمنون بها.
وهنا سؤال آخر: لماذا لم تلجأ الصهيونية إلى بدائل لهذه المنظمات والأحزاب بدلاً من إعادة نفس الأسماء والهياكل العامة بوجوه مختلفة؟
الجواب: هو أن البديل الوحيد للعب الدور الذي لعبه حزب الله ونظائره في المنطقة هو الأحزاب العلمانية، وهذه لا تزال ضعيفة وكثير من الفاعلين فيها أمامهم عوائق كبيرة وكثيرة يستحيل معها أن يقوموا بما يقوم به حزب الله، وذلك لاختلاف الأيدلوجية والمرجعية الفكرية، مع ما يتميز به حزب الله كون جذوره الفكرية والتاريخية يهودية المصدر والمنبع كسائر الأحزاب والتنظيمات التي تدور في فلك الحركة الخمينية عموماً، لهذه الأسباب كان لا بد من إعادة تأهيل حزب الله ونظائره في العالم العربي استعداداً لمرحلة قادمة قد تكون سبباً في تغييرات أكبر.
إننا يجب ألا نشك لحظة واحدة في أن ما يسمى المجتمع الدولي أو النظام الدولي بات يحكمه الشيطان ويدير دفته، والدليل على ذلك ما آلت إليه أوضاع العالم العربي والإسلامي وهم ورثة النبوة والكتاب، فالقتل الذريع في سوريا وما سبقه في العراق من قتل العراقيين عموماً وذوي العلم والمعرفة خصوصاً، وما يحصل الآن في بلاد اليمن كل ذلك يحمل الطابع الباطني الصهيوني وهو أمر لم يعد خافياً على أحد، فالصهيونية اليوم تملك جيشاً جراراً من الأحزاب والباحثين والفلاسفة والإعلاميين موجهون جميعاً لخلخلة العقيدة والشريعة الإسلامية والتوهين من شأنها بشتى الأساليب، مستخدمة في ذلك الكيد والمخادعة حيناً والمواجهة حيناً آخر تحت وجوه مستعارة.
لقد أدركت الصهيونية وأدواتها أن المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً هي الصخرة التي ستتحطم عليها معاول الهدم والحقد الأسود، فراحت تنسج الأكاذيب وتختلق التهم لتجييش العالم غرباً وشرقاً ضد الإسلام والمسلمين، وهدفهم من ذلك هو البلاد السعودية التي باتت حصن الإسلام وقلعته الأخيرة، لقد أفزعهم تمسكنا بالإسلام واعتصامنا بالكتاب والسنة ونهج السلف الصالح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأصبح الإسلام وأهله هدفاً للإعلام المسيّس حتى من أنظمة تنتسب إلى الإسلام كالنظام الإيراني، ويجب علينا أن نفهم هذا العداء بأنه حرب على العقيدة الإسلامية ومن أجل العقيدة، ويجب أن نتعامل مع الجميع على هذا الأساس أولاً وقبل أي معطى آخر، ولعل الصهيونية العالمية بعد حين ستفكر في إعادة تأهيل النظام الإيراني!!
لكن قبل ذلك لا بد من إعادة تأهيل الأحزاب المتغلغلة داخل الأمة العربية لأن الدور الأكبر والأخطر منوط بها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق