الأربعاء، 20 يناير 2016

حقوق الإنسان .. المفهوم .. والأثر

حقوق الإنسان .. المفهوم .. والأثر
عبدالله عبيد الحافي
من الأمور المسلمة أن مصطلح حقوق الإنسان بصيغته المعاصرة والمتداولة عالميا هو من إفرازات الثقافة الأوروبية التراكمية، فهو نتاج معرفي تأسس ونشأ في ظل ظروف اجتماعية وسياسية ودينية عصفت بالأمة الأوروبية، فأخذت تلك الآراء والرؤى تتبلور وتمحص شيئا فشيئا حتى نضجت تلك الآراء وآمن بها كثير من الناس وأنزلوها في قلوبهم منزلة العقيدة، وعملوا على تحقيقها من الناحية العملية. ولا شك أن تلك الأمنيات ــ سابقا ــ الحقوق فيما بعد، تتوزع على مجالات ونواح متعددة من نظم الحياة وجوانبها، ولا يمكن أن تتصور أنها تقف عند جانب ترفيهي أو حقوق فردية شخصية، يؤكد هذا التصور تلك الأسباب والدوافع التي أدت إلى المناداة بتلك الحقوق ووجوب ضمانها للفرد وعدم انتهاكها والتعدي عليها، وهي أسباب ودوافع ناشئة من انحراف السلطة الروحية التي تمثلها البابوية الكنسية والسلطة الزمانية التي تمثلها الإمبراطوريات المتعاقبة في أوروبا، فلا يمكن الفصل بين الأسباب والنتائج كما لا يمكن الفصل بين النتيجة والأثر المترتب عليها، ولعل «نظرية الحرية» المستندة عند دعاتها إلى ما يعرف بـ «الحقوق الطبيعية أو القانون الطبيعي» تمثل الإطار المعرفي الذي يستمد منه دعاة حقوق الإنسان في الغرب مبادئ دعوتهم العامة والتفصيلية، فما يطلق عليه الفرنسيون: اتركه يعمل، اتركه يمر، وما يطلق عليه الإنجليز: دع كل شيء حرا، فمعناه أن للإنسان حقوقا طبيعية مستمدة من طبيعته الإنسانية لازمة لإنسانيته ينظمها قانون طبيعي سابق في الوجود لمن يريد أن يقيدها أو يحد من نشاطها، وعلى الجميع أن يعترفوا بهذه الحقوق، وقد توسع فلاسفة الغرب في تعداد هذه الحقوق ومناقشة ما تنطوي عليه من معان بدءا بالفيلسوف الروماني «شيشرون» والفيلسوف الإيطالي «ميكافلي» و«جان يودان» و«جون لوك» و»هوبز» إلى المحدثين من أمثال «ستيورات مل» و»آدم سميث»، وقد استنبط هؤلاء مجموعة من المبادئ السياسية والاجتماعية التي هي في جوهرها من فروع القانون الطبيعي، وقد جاءت معظم الدساتير الحديثة في الغرب وكثير من بلاد العالم متفقة مع ما قرره هؤلاء الفلاسفة، ومن هذه المبادئ: احترام الحريات المدنية، والحريات السياسية، والحريات الدينية، وحق إبداء الرأي والتفكير وما ينطوي تحت هذه المبادئ من تفصيلات وجزئيات يصعب حصرها.
لقد أفرز هذا الفكر عبر السنين الطويلة، استنادا لتلك المبادئ السابقة، مجموعة من المفاهيم المعرفية كالتعددية السياسية، وإتاحة الفرصة لقوى المجتمع المدني ومؤسساته للعب دور بارز وفاعل في الحياة العامة وتوجيهها وهذا ما يعرف في الفكر السياسي بالديمقراطية الليبرالية، ففي تقارير نشرتها مؤسسة «بيت الحرية» وهي مؤسسة أمريكية يزيد عمرها على 70 عاما، أنه في عام 2000 كانت هناك 120 دولة من دول العالم الـ 129 أو ما يوازي 60 في المائة من مجموعها تعد ديمقراطيات ليبرالية.
إعلان
وعودا على بدء فقد تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948 الدعوة إلى الحكم الديمقراطي، إذ جاء في المادة (21) «إرادة الشعب هي مناط سلطة الدولة».
وهذا يكشف بوضوح عن منظومة الفكر الغربي وحلقاتها المترابطة وأنهم يملكون منهجا دقيقا في تسيير شؤون الدنيا، وأن هؤلاء القوم قوم عقلاء في إقامة الدنيا ومصالحهم الحياتية، هل استطعنا نحن المسلمين اليوم أن نبرز الصورة الحقيقية للإسلام في جانبه التشريعي الذي يعد مستندا لحقوق الإنسان من واقع الإسلام نفسه بعيدا عن الدخول في المقارنات التي تخرج الحديث عن روحه وموضوعه..
إنني أعتقد أن التحدي الحقيقي الذي يواجه الهيئات والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان الرسمية والأهلية على حد سواء هو اكتشاف المنهج الإسلامي في تقرير هذه الحقوق والضمانات التي تقدمها الشريعة الإسلامية لحمايتها وصيانتها، واستنباط الركائز الأساسية التي تنبني عليها وتتفرغ منها حقوق الإنسان في الإسلام، وصياغة ذلك بطريقة توافق روح العصر ولغته، آخذة في الاعتبار أن هذا المصطلح ــ حقوق الإنسان ــ أصبح علما على مجموعة من العلوم والمسائل التي نالت قدرا كبيرا من الاستقلال لظروف عالمية دفعت في هذا الاتجاه، وفي ذلك إبراز لجانب من جوانب الإسلام الحضارية يسهم بشكل كبير في شرح الإسلام ومحاسنه من خلال ميدان يعد من أهم الميادين التي تتسابق الأديان والمذاهب على اختلافها في نيل السبق في مضماره من خلال إبراز ما لديها من قواعد ونظم في هذا الشأن.

وقفة حازمة تجاه المجازر الإيرانية ضد الشعب السوري

وقفة حازمة تجاه المجازر الإيرانية ضد الشعب السوري
الكاتب: مداولات
عبدالله عبيد الحافي

لم يعد خافياً على كل مراقب لما يجري على الأراضي السورية اليوم ما تقوم به القوات الإيرانية بمسمياتها المختلفة وكذلك عملاؤها وصنائعها في العراق ولبنان هذه القوى التي أصبحت قوةً غازية ومحتلة للأراضي السورية تريد تركيع الشعب العربي السوري لحفنة من المرتزقة تطلق على نفسها اسم النظام السوري وقد أعلن الشعب السوري بكل أطيافه نزع الشرعية والطاعة عن هذه العصابة وأعلن براءته منها ومما تقوم به من قتل وتدمير للبلاد والعباد، لم يعد قميص المقاومة الممزق يصلح شعاراً لتبرير العدوان الإيراني على الشعب السوري والأراضي السورية فالجميع يعلم أن المقاومة بأضلاعها الماسونية التي يشكل النظام السوري أحدها ونظام طهران ضلعها الثاني بينما يتقاسم ضلعها الثالث، ماسونيون صغار في العراق ولبنان قد انتهت، وانتهت الأكذوبة العالمية الكبرى التي ينعق بها «دجاجلة» النظام الإيراني فثورة الشعب السوري كسرت أضلاع المقاومة التي صنعتها الماسونية العالمية.
إن من يقتل الشعب السوري مستخدماً أبشع الوسائل في ذلك لا يمكن أن ينال شرف المقاومة لأعداء الأمة ولا شرف تحرير فلسطين بل هو جزء من المؤامرة الصهيونية العالمية على العرب والمسلمين في هذا الزمن.
وإننا على يقين بأن الشعوب المخدوعة بهذه الأنظمة وتلك العصابات التابعة لها هي التي ستتولى محاسبة أولئك القتلة وإجراء القصاص العادل انتقاماً لإسلامها وعروبتها و وطنيتها ولآلاف الضحايا من الأبرياء الذين لقوا الموت على يد هذه الأنظمة وتلك العصابات.
لقد سقط النظام الإيراني وأتباعه في لبنان والعراق. لم تكن الثورة السورية تحريراً لسوريا فحسب بل ستصبح تحريراً لسوريا ولإيران ولبنان من قبضة عملاء الماسونية والصهيونية العالمية التي أحكمت قبضتها على تلك الدول عقوداً من الزمن هذه الأنظمة الخائنة لله و الأوطان جاءت من السراديب المظلمة والطرق المشبوهة لتزيد جراح هذه الأمة ولتؤجل نهضتها وتطيل كبوتها ولتعمل على تمزيقها ونشر الحروب والفتن بين أبنائها.
إن القتل والتدمير الذي يجري في سوريا اليوم هو من صنع نظام طهران وروسيا بوتين ولافروف فليس هناك نظام سوري ولا حكومة سورية، بل هناك لجنة طوارئ تدير الحرب والموت على سوريا أرضاً وشعباً.
وبشار نفسه يقبع في السفارة الإيرانية ولم يعد يملك من أمره شيئاً، والاستقبال الأخير الذي جرى بينه وبين مبعوث مرشد الثورة تم في السفارة الإيرانية.
فالواقع في سوريا هو أن الشعب السوري يتعرض لغزو خارجي تقوده إيران بقوتها المختلفة وعملاؤها في المنطقة، والشعب السوري لن يقف متفرجاً أمام هذه الجرائم الإيرانية والروسية التي ترتكب بحقه فإذا لم يكن هناك وقفة عدل وإنصاف من المجتمع الدولي فإن هذا المجتمع الدولي سيدفع ثمناً باهظاً جراء هذا التواطؤ مع الجريمة التي ترتكب بحق الإنسان السوري اليوم، إن دفاع الشعب السوري عن وطنه وعن أهله وذويه لا يجوز أن يأخذ توصيفاً آخر غير هذا التوصيف وعلى سماسرة الكذب والدجل الذين ينعقون كالغربان من منابر إعلامية عديدة واصفين دفاع السوريين عن أنفسهم بأنه إرهاب وجماعات مسلحة أو غير ذلك من الأكاذيب.
على هؤلاء جميعاً أن يعلموا أنهم شركاء في قتل الشعب السوري و ستطالهم يد العدالة قريباً وليعلموا أنهم منحازون للفئة الخاسرة وأن السوء والدمار سينالهم من عصابات بشار وإيران قبل أي جهة أخرى والوقائع والأحداث في الداخل السوري وخارجه شاهدة على نوايا عصابات إيران وبشار بتقديم هؤلاء قرابين لمصالحهم متى ما احتاجوا لذلك ولعل ما كشف أخيراً بعد اعتقال أحد قادة الثامن من آذار الموالين لإيران من مخططات عدوانية تستهدف وحدة لبنان وسوريا دليل دافع على أن حكومة طهران وأتباعها قد أصبحوا عبئاً ثقيلاً على العالم العربي والإسلامي ويجب اتخاذ خطوات حاسمة وجادة في محاسبة هذا النظام وأتباعه من خلال إدانة إسلامية وعربية عامة للأعمال العدوانية التي يرتكبونها بحق العرب والمسلمين في بلاد الشام وغيرها كما أن على منظمة التعاون الإسلامي أن تسمي الأشياء بأسمائها فإدانة النظام الإيراني وتعليق عضويته في منظمة التعاون الإسلامي هو أقل ما تقوم به المنظمة الإسلامية العالمية، يجب أن يعلم أعضاء منظمة التعاون الإسلامي أن الشعوب الإسلامية والعربية تحديداً لم ولن تقبل المجاملات السياسية حيال قضاياها المصيرية التي تتعلق بوجودها وهويتها فيجب إيقاف المتاجرة بقضايا العرب والمسلمين التي يقوم بها نظام طهران وأتباعه من وكلاء الصهيونية العالمية ويجب أن تعاد هذه القضية إلي مكانها الطبيعي سلماً وحرباً وهي مهمة المسلمين والعرب تحديداً

سوريا.. الموت بطعم الفيتو

سوريا.. الموت بطعم الفيتو
د. عبدالله عبيد الحافي


لقد أثبتت الثورة السورية العظيمة أن حق النقض الفيتو صهيوني التوجه أيًا كان الطرف الذي يستخدمه ويبدو أن قدر الثورة السورية ومخاضها العسير ينبئ عن الدور الذي ستضطلع به في المنطقة بعد انتصارها القريب جدًا.

لقد كشفت هذه الثورة المباركة عن النفوذ الحقيقي للصهيونية العالمية وأذرعتها الخفية الممتدة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار في القوى الدولية المعاصرة وأن المافيا الصهيونية التي تمثل روسيا وإيران أحد مكوناتها تمسك بمفاصل القرار الدولي في كل من الغرب والشرق على حد سواء وأن الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه صانعو الفيتو الروسي والصيني وأهمهم إسرائيل وطهران لن يتحقق، فهم يهدفون إلى القضاء على الثورة السورية لكن هذا الفيتو لم يزد عن أن كشف الوجه القبيح للصهيونية العالمية التي تتلون كالحرباء، كما أنها بدخولها كطرف فاعل في هذه المسألة أصبحت هدفًا مشروعًا للمسألة الجنائية باعتبارها شريكًا للنظام السوري في ارتكاب المجازر وانتهاك الحرمات وهي جرائم موثقة لا يلغيها قول لافروف أنه يعمل وفق القانون الدولي!

إن تبادل الأدوار بين القوى السياسية الدولية لخدمة المشروع الصهيوني الاستعماري ومحاولة إخفاء الوجه الحقيقي لأمريكا تحديدًا وموقفها من الثورة السورية كفيل بأن يراجع العرب والمسلمون أنفسهم ويقوموا بما تطالب به شعوبهم التي فوضتهم في مباشرة الحكم وقيادة الأمة، ففي هذا الظرف الذي تعيشه الثورة السورية يجب أن يكون دور القيادات العربية والإسلامية هو نصرة هذه الثورة والوقوف بحزم في وجه كتائب وشبيحة الأسد التي تسعى في الأرض فسادًا وتهلك الحرث والنسل أيًا كانت النتائج والتضحيات المترتبة على هذه الخطوة، فإن واجب العرب اليوم شعوبًا وحكومات نصرة الشعب السوري الثائر على الظلم والاستبداد والوقوف بكل حزم وقوة في وجه قاتليه وجلاديه وأول خطوة في هذا الطريق هي سحب الاعتراف العربي والإسلامي من حكومة دمشق والاعتراف بالثورة وممثليها الشرعيين في المجلس الوطني والهيئة العامة للثورة السورية.

إن حق الحياة الحرة الكريمة الآمنة لكل إنسان لا يمكن أن يصادره فيتو الظالمين أيًا كان مصدره وعندما تصادر الحرية والكرامة فإن الأبواب مفتوحة لاستعادة الحقوق وهو أمر تقره الشرائع السماوية والعقول السليمة والفطرة السوية وكل ما يخالف ذلك فهو رجس من عمل الشيطان.

إن على علماء الأمة والهيئات الإسلامية الحكومية والأهلية كما على المفكرين والمثقفين دورًا كبيرًا في نصرة هذه الثورة المباركة وكشف حقيقة نظام بشار وما يقوم به من أعمال منافية للدين الإسلامي وبيان حقيقة تحالفه مع إسرائيل وإيران لخدمة الصهيونية العالمية وخدمة إسرائيل وضمان استمرارها في قلب العالم الإسلامي، لا يزال أمام العرب فرصة أخيرة لتصحيح الخطأ الذي ارتكبوه في التعامل مع هذه الثورة وتلك الخطوات غير المحسوبة.

وهذه المسائل لا ينفع في علاجها إلا سبيل الحزم والقوة في ضوء الثورة السورية، يجب على السياسي العربي أن يراجع كثيرًا من المواقف تجاه القوى الإقليمية والدولية.

لقد طنطنت إيران كما يطنطن الذباب وفقدت صوابها عندما رأت صديقها في دمشق قد ضيق عليه الخناق.

وكل من يعرف حقيقة الحكومة الإيرانية يعلم أنها لا تسيطر على البلاد الإيرانية إلا بطريقة الإرهاب اللا أخلاقية فالدعاية الإعلامية لمنظومات الصواريخ والأقمار الهائلة ما هي إلا إعلان عن الإفلاس الحقيقي في كل مجالات التنمية والقوة وتعبير عن عمق القلق والخوف الذي يسيطر على النظام الحاكم في طهران من صحوة الشعب الإيراني العظيم، فحكومة طهران ظاهرة صوتية لا غير يجب أن يعرف العرب ذلك ويتأكَّدوا منه.

لقد أسهمت الدعاية الغربية والإسرائيلية في التخويف من القدرات الإيرانية وهو أمر يراد وأسهم ذلك في ابتزاز العرب على حساب قضاياهم ومصالحهم الحيوية ويجب على السياسي العربي أن يراجع كثيرًا من المواقف تجاه روسيا والصين خصوصًا في الجانب الاقتصادي فيجب ألا يمر هذا الفيتو بلا عقاب إرضاء للشعوب الغاضبة، يجب أن يراجع العرب النظر في عملية السلام مع إسرائيل وعليهم أن يسحبوا المبادرة العربية التي ترفضها إسرائيل جملة وتفصيلاً وأن يعلنوا فلسطين بكاملها أرضًا محتلة لا حق فيها لغير الفلسطينيين أن ما تقدم ليس مطالب متقدمة ولا مطالبة بالمستحيلة بل يجب أن نعترف أننا كنا مخدوعين أو عاجزين فيه، أما اليوم قد انكشف الغطاء

وظهرت الحقائق جلية واتضح للقاصي والداني حجم المؤامرة على هذه الأمة وشعوبها، فعلينا أن نتحمل أعباء إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح معتمدين في ذلك على ما تقره الشريعة الإلهية والنظم العادلة الإنسانية، فإن للعرب والمسلمين كرامة مسلوبة ومنتهكة يجب أن يقتص من سالبها ومنتهكها، أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى اتحاد خليجي خطوة في الطريق الصحيح نتمنى منه أن يتبنى دعوة مماثلة إلى اتحاد عربي يحل محل الجامعة العربية  التي أصابها الوهن والترهل لأسباب عديدة فهو القائد الذي يتفق العرب والمسلمون على إخلاصه لأمته الإسلامية والعربية وحكمته في اتخاذ القرار وهو خليق بأن تجاب دعوته لمثل هذا الاتحاد نطلب اتحادًا عربيًا يكفل لهذه الأمة استعادة حقوقها المسلوبة وممارسة دورها الحضاري والإنساني في العالم اليوم، اتحادًا يقف سدًا منيعًا في وجه الطامعين والمعتدين، فالظروف العربية اليوم مهيأة لقبول مثل هذه الدعوة بل والمسارعة إلى تحقيقها.

استاذ مساعد بكلية الملك خالد العسكرية

الانتحار الإيراني

الانتحار الإيراني

الأحد 04 أكتوبر 2015
د. عبدالله عبيد الحافي
 قديماً قالت العرب «ما تبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه» كل متابع للشئون الإيرانية الداخلية والخارجية يقف على نتيجة واحدة وحتمية وهي: إن النظام الباطني الذي يحكم بلاد فارس في سبيله إلى الزوال والاضمحلال، فقد أسلم هذا النظام قياده للحقد الأعمى والرغبات الحبيسة القاتلة والمدمرة التي تتوارثها هذه الطوائف الموتورة من الإسلام وأهله، حتى إنهم أصبحوا على استعداد لإعلان الكفر الصريح بالإسلام وشرائعه في مقابل عقد التحالفات مع الصهيونية والصليبية العالمية لزعزعة أمن واستقرار العالم العربي والإسلامي، وخصوصاً بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية حماها الله، إن المشروع الذي عمل الخميني على تنفيذه ولازال تلامذته يعملون على تنفيذه هو إشعال الفتن والحروب ونيران الحرائق في المنطقة العربية خدمة للصهيونية العالمية ولإسرائيل تحديداً.. لقد رأى العالم أجمع القتل الذريع في سوريا والعراق الذي ما كان ليحصل لولا الدعم بالمليشيات والمال والسلاح من قبل حكومة طهران لحكومات القتل والجريمة في سوريا والعراق.. لقد رأى العالم كيف أصبحت لبنان دولة فاشلة بسبب ميلشيات طهران وما يعرف «بحزب الله» الذي بات يشكل دولة داخل الدولة اللبنانية والأمم المتحدة ومجلس الأمن بأعضائه الدائمين يغض الطرف عن هذا الأمر، لأن المتضرر من ذلك هو الشعب العربي اللبناني وكذلك الشعوب الإسلامية، وهو توجه بات واضحاً وسياسة باتت مكشوفة لهذه المنظمة التي فقدت مصداقيتها.
لقد باتت الأمم المتحدة وجهاً مستعاراً لقتلة الشعب السوري والعراقي واللبناني واليمني بسبب التحالف الآثم بين حكومة طهران والصهيونية العالمية، لقد أصبحت حكومة طهران في وضع شاذ بين دول المنطقة وبين دول العالم تماماً كإسرائيل، وأصبح كل المتحالفين معها من المرتزقة وقطاع الطرق كالنظام السوري وكحزب اللات في لبنان والحشود التي بلا زمام ولا خطام وليس آخرها داعش في العراق والحوثي في بلاد اليمن لقد أصبح كل هؤلاء عاراً على بني آدم بعدما فقدوا كل القيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية وأصبحوا كالوحوش الضارية يهلكون الحرث والنسل، ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين، لكن إلى متى؟.. إن سنة الله لا تتغير ولا تتبدل ففي الوقت الذي يظن فيه هؤلاء البرابرة أنهم قادرون على كل شيء في هذا الوقت تماماً يفقدون كل شيء وتحيط بهم أعمالهم السيئة. فالعالم على اختلاف توجهاته وسياساته ومصالحه لا يمكن أن يطبق على الظلم والبغي ومحاربة الفضيلة {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ}.. وعليه فلن تفلح محاولات الصهيانة وأدواتهم إلى جر العالم الإسلامي والعربي إلى حرب تدميرية لا تبقي ولا تذر.
إنه من العار على حسن نصر زميره وعلى عبدالملك الحوثي ومقتدى الصدر وغيرهم ممن على شاكلتهم من أدوات إيران إن كانوا عرباً كما يزعمون أن يكونوا أداة لأعداء العرب والمسلمين لقتل أبناء وطنهم وهتك حرماتهم وتسويد صحف أعمالهم بعشرات الآلاف من القتلى والجرحى والثكلى واليتامى لكن هؤلاء هم الخلف من أسلافهم الذين قتلوا الحجاج وملئو بئر زمزم بجثث القتلى حتى سالت الدماء في أرجاء بلد الله الحرام وهم الذين قلعوا الحجر الأسود من مكانه واخفوه عشرين سنة حتى أعاده المسلمون إلى مكانه وذلك في القرن الثالث الهجري، أننا وكل عاقل لنعجب أشد العجب من تباكي حكومة طهيران على تنظيم شئون الحج وحادثة التدافع الأخير وهم ورثة الباطنية والقرامطة السالف ذكرهم كذلك هم تلامذة الخميني الذي قتل الحجاج في عام 1407هـ وأراد إفشال موسم الحج في ذلك العام، لكن الله أخزاه ورد كيده في نحره وجعل مصيره مصير أصحاب الفيل فمات غمماً مذموماً مدحوراً، وهو مصير كل من سار على دربه، لقد تحملت المملكة العربية السعودية أمانتها ومسؤوليتها بكل كفاءة واقتدار أمام الله وأمام المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
لقد ضرب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ومن قبله والده وإخوته أروع الأمثلة في خدمة الحرمين الشريفين والقاصدين لها كل ذلك طاعة لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، فكانت مناراً للتوحيد الخاص الذي لا شريك فيه مع الله، وكانت مأرزاً للإيمان وأهله من كافة أصقاع الأرض.. وهذا الأمر هو الذي يغيظ حكومة طهران ومن سار على شاكلتها من عبدة الأضرحة والأتربة والمقامات، حكومة طهران التي تهدم المساجد وتخربها وتنفق الملايين على عمارة المشاهد والقبور محادة لله ولرسوله ولدعوة التوحيد الخالص.. حكومة طهران التي تسعى لإحياء الجاهلية الأولى تحت مسمى موالاة أهل البيت كذباً وزوراً؛ والله والمسلمون يعلمون أن أهل البيت بريئون من الشرك وأهله.
إن السباب والشتائم للعقيدة الإسلامية التي نسمعها ليلاً ونهاراً من الإعلام الرسمي لحكومة طهران ومن أبواقها كالحوثي وحسن زميره، تذكرنا بقول الفرزدق:
ولو أن عبدالله مولى هجوته
ولكن عبدالله مولى موالياً
نعم إن هؤلاء أصبحوا عبيداً وموالياً لحكومة طهران يسيرونهم كما يسيرون الأنعام التي لا عقول لها لقد نال الحوثي وحسن زميره وبشار الأسد والصدر وغيرهم شهرة واسعة في الإعلام المعاصر ولكن لا أظنهم سيصلون إلى المكانة التي وصل إليها معلمهم الأكبر الشيطان الرجيم، ذلك إن الاشتهار الواسع لا يكون نافعاً إلا إذا كان في سبيل الحق والخير أمام هؤلاء، فاشتهروا على طريقة إبليس بالكبر والكذب والإثم والعدوان.. لقد كان يسع هؤلاء ما وسع العرب والمسلمين عبر العصور لكنهم أبوا إلا الفتنة والعمالة والخيانة التي سيجنون ثمراتها المرة وسيظلون شاهداً على العمالة والخيانة تضرب بهم الأمثلة عبر الأجيال، كالنصير الطوسي وابن العلقمي.

سلمان الثبات.. ما قل دل

سلمان الثبات.. ما قل دل

السبت 11 ابريل 2015

تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في ظروف تحيط بالعالم العربي أقل ما يقال فيها إنها كارثية، فقد انحرف المسار الرسمي للسياسة العربية لتقتل نفسها بنفسها على يد أفراد متنفذين أخذوا يتلاعبون بالأمة وبمصيرها وذلك باستخدام فزاعة الإسلام السياسي أو الإسلام الحركي وأن هذا الأخير يشكل خطراً على الأنظمة القائمة وبالتالي فلا بد من وضعه مع القاعدة ومع داعش في سلة واحدة، وليتهم إذ فعلوا ذلك قاموا بما يجب من حماية أمنهم الإقليمي والوطني، بل أصبحنا في وضع يشبه إلى حد كبير وضع ملوك الطوائف في الأندلس الذين استعانوا بأعدائهم على إخوانهم، ثم التهمهم العدو جميعاً في آخر الأمر، فقد أخذت الأفعى الإيرانية المتحالفة علنا مع الصهيونية العالمية تتمدد في البلاد العربية مستغلة هذه المراهقة السياسية المتاخرة التي أصيبت بها الأمة في مقتل وينفذها محدود الخبرة والتجربة مع الجهل التام بحقيقة هذه الأمة ومبادئها وهويتها وما يجب أن تكون عله فنسفوا كثيراً من ثوابت الأمة السياسية وركائزها الثابتة عبر عقود في التعامل مع الآخرين.
فأصبح هذا الوضع المتردي سبباً في فتح شهية الأعداء الذين ظنوا أنهم على وشك إحكام قبضتهم على هذه الأمة والإجهاز عليها، وأن المراهقين السياسيين الجدد قد مهدوا لهم السبل وعبدوا لهم الطرق كما هيأها النصير الطوسي وابن العلقمي لهولاكو وجنكيز خان عندما اجتاحوا المشرق الإسلامي وأسقطوا عاصمة الإسلام وقتلوا الخليفة وأضاعوا ملك المسلمين ودولتهم، فكشر كل هؤلاء عن أنيابهم ووجوههم الكالحة وأعدوا أنفسهم لإعادتها جذعة لسحق الإسلام وأهله كما أوهمتهم نفسهم المريضة في هذه الظروف الحالكة الظلمة، يلي أمور الأمة المحمدية البصير بتاريخها العليم بثوابتها ومبادئها المعتز بهويتها بين الأمم إنه الملك المنصور سلمان بن عبدالعزيز ذلك الملك العربي المسلم الذي لم يؤل وجهه شطر المشرق أو المغرب، وإنما توجه بوجهه وبقلبه إلى رب المشارق والمغارب يسأله العون والتوفيق لما فيه صلاح البلاد والعباد، فهيأ الله له السبل وجمع الأبدان والقلوب على طاعته فجيش الجيوش الإسلامية لاستئصال شأفة الفتنة والظلم في بلاد اليمن التي يغذيها مركز الباطنية الملحدة في هذا العصر من قم وطهران، فقطع الله بجميل صنيعه بلية قد انعقدت أسبابها وأحاطت بالإسلام وأهله.
إن شعب المملكة العربية السعودية يقف خلف خادم الحرمين الشريفين في كل ما يتخذه من إجراءات لإنقاذ الشعب اليمني الشقيق من عدوان المليشيات وقطاع الطرق الذين تسلحهم حكومة طهران التي أعلنت عن نفسها بأفعالها إنها وريثة القرامطة الأوائل الذين يستبيحون الحرمات ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين، لقد أثبتت الحركة الخمينية من خلال تاريخها الأسود في بلاد إيران نفسها وفي العراق وسوريا ولبنان إنها تحمل حقداً وغلاً على الإسلام وأهله لا تحمله أي ملة أو طائفة فقد أصبحت الفكرة الخمينية والمؤمنون بها من أعظم أدوات الشيطان في العصر الحديث لإفساد الأوطان والأديان وانتهاك الحرمان لكن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة -وهذا شأن دولتنا بإذن الله- فأصلنا ثابت وفرعنا في السماء.
إن عاصفة الحزم قد اكتملت فيها أركان المشروعية فهي حرب عادلة وغاياتها نبيلة وأهدافه سامية إنها لنصرة المظلومين وردع الظالمين وإنقاذ المستضعفين ممن أحاطت بهم جحافل الهمج البرابرة وقطاع الطرق ممن باعوا أنفسهم وضمائرهم وأوطانهم لأعداء أمتهم، فكان لا بد من استئصال العضو الفاسد حتى يصح بقية الجسد، وهذا ما سيحصل في بلاد اليمن إن شاء الله، إننا كسعوديين نحمل أمانة العقيدة الإسلامية وحماية الحرمين الشريفين التي أكد عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسنبذل أرواحنا وكل ما نملك في هذا السبيل.
إن النزاعات والخلافات بل والحروب تقع بين المسلمين قديماً وحديثاً لأسباب كثيرة ولكن الذي لا يجوز أن يقع هو التلاعب بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتحريفها وإنزالها في غير مواضعها لأجل تلك العداوات أو الخلافات السياسية، فكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي المرجع والمحتم إليه عند وقوع النزاع والخلاف، وفيها الشفاء من كل داء، فمن أبى إلا تحريفها والتلاعب بها لأجل أطماعه الرخيصة ورغباته السفلية سفول نفسه وعقله فلا يضر أحداً إنما يضر نفسه، فقد أكمل الله الدين واستبانت مناهجه وسبله، وإن الأمل معقود بعد الله على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وأعوانه المخلصين من أبناء هذه الأمة في إعادة الأمور المختلة إلى نصابها الصحيح وصلاح ذات البين وجمع كلمة المسلمين كما أمر الله ورسوله لئلا ينفذ الأعداء من تلك الثلمة كما فعلوا في بلاد اليمن وغيرها فتدفع الأمة وشعوبها الثمن الباهظ جراء ذلك. {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (40) سورة الحج.

ملك الوفاء.. وشاهد الوفاء


ملك الوفاء.. وشاهد الوفاء 

عبد الله عبيد عباد الحافي - عضو هيئة التدريس بكلية الملك خالد العسكرية
الوفاء من مناقب النبلاء. وإنما يعرف الفضل ومواقعه الفضلاء والنبلاء من الناس، وكما قيل:
وقد كانوا إذا عدوا قليلا
وقد صاروا أقل من القليل
وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قد ضرب أروع الأمثلة في الوفاء تجاه مسؤولياته والتزاماته، حاكمه في ذلك عقيدته الإسلامية، والخصال الحميدة التي اكتسبها من مدرسة والده الملك عبد العزيز - رحمه الله -.
وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - أمير منطقة الرياض شاهد على وفاء هذا الملك لشعبه ووفائه لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - فكان مما قال في احتفال أهالي منطقة الرياض بمناسبة تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للحكم: (عندما نتحدث عن الوفاء فسأكون شاهد عيان، لقد كنتم وفيين جداً لأخيكم المرحوم الملك فهد، خصوصاً في فترة مرضه، وهذا والحمد الله ما تعودناه من هذه الأسرة وهذا الشعب).
فمنذ أن تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رئاسة الحرس الوطني في مطلع الثمانينات الهجرية أسس وشيد مؤسسة حضارية تعد من أرقى المؤسسات في هذه البلاد الكريمة، ثم تعاهدها بالتطوير والتحديث حتى صارت مضرب المثل سواء في امتلاك أحدث وسائل التقنية والإدارة، أو تأهيل الكفاءات والقوى البشرية التي تتعامل مع هذه الوسائل، وتوفير الحياة الكريمة لهم.
إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ومن خلال ما يضطلع به من مسؤوليات جسام قد أدرك أن تنمية البلاد ورفاهية المواطنين مرهونة بعد توفيق الله - تعالى - بالأخذ بأسباب القوة في كل مجالات الحياة، فكان - حفظه الله - رائد النقلة الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها المملكة وصاحب فكرة (نقل التقنية وتوطينها) وزياراته لبلدان شرق آسيا والصين شاهد على ذلك.
فبدلا من أن تكون التقنية مستوردة دائماً، فليكن ذلك إلى أجل ثم تكون من صنع أبناء الوطن ومنجزاتهم التي يفخرون بها.
وقد أدرك الشعب السعودي صدق نوايا هذا الملك العادل فبادله الوفاء بالوفاء وأعلن تأكيده الولاء والسمع والطاعة لهذه القيادة الرشيدة

الثلاثاء، 19 يناير 2016

موقف الصهيونية العالمية من الثورة السورية / د.عبد الله عبيد الحافي


المختصر / الصهيونية هي الواجهة السياسية والاقتصادية والإعلامية لليهودية العالمية وهي مؤسسة دولية استعمارية ذات جهاز تنظيمي له قيادة وأعضاء في كثير من دول العالم، فالصهيونية واليهودية صنوان لا فرق بينهما في الغايات المنشودة وإن اختلفتا في الوسائل والأساليب.
وقد قننت الحركة الصهيونية العالمية أهدافها ووسائل تحقيق تلك الأهداف من خلال ما يعرف بالبروتوكولات أو بروتوكولات حكماء صهيون هذا على سبيل العموم، أما فيما يتعلق بالأحداث والوقائع والمتغيرات الجزئية العالمية ذات العلاقة والتأثير على الأهداف الصهيونية فإنها تقوم بمحاكمتها والتعامل معها من خلال تلك الأهداف العامة والرؤية المسبقة لما يجب أن يكون عليه الأمميون المحيطون بدولة الاحتلال الصهيوني في فلسطين، ومن قراءة للواقع بأحداثه المتسارعة يبدو أن الصهيونية قد اختارت الشكل الذي يجب أن تكون عليه حكومات الدول المحيطة بإسرائيل وهما شكلان لا ثالث لهما في الخيار الصهيوني، الأول: الحكم الدكتاتوري الفاسد الذي يسلب تلك الأوطان وشعوبها هويتها وكرامتها وحريتها بما يضمن بقاءها ضمن دول العالم المتخلف التي تقبل ما يمليه عليها أعداؤها.
والشكل الثاني: هو تمزيق تلك الدول إلى دويلات طائفية تتقاتل فيما بينها وتستقوي بأعدائها على بعضها البعض وهذا - الشكل الثاني - لن يحدث إلا بعد حروب أهلية طائفية وهذا ما نشاهد اليوم بوادره في سوريا وليس ذلك ذنب الشعب السوري ولا بسبب الثورة السورية المحقة، وإنما بسبب تغلغل الصهيونية وهيمنتها على القرار الأمريكي والروسي تحديداً وهما من هما قوة وتأثيراً في المنظمات الدولية وخصوصاً مجلس الأمن.
فحماية نظام الأسد خيار صهيوني إستراتيجي لا يمكن أن تساوم عليه الصهيونية العالمية في المنظور القريب.
وهذا السيناريو الثاني هو الذي فهمه صهاينة صغار في المنطقة العربية أمثال حسن نصر الله ووئام وهاب وغيره فأعلنوا بكل صراحة ووقاحة أن البديل للنظام السوري هو الدويلات الطائفية ولعل مما يصب في هذا الاتجاه العملي للصهيونية ما أعلنه وزير الخارجية الإسرائيلي من أن مصر بعد الثورة أصبحت أشد خطراً على إسرائيل من دولة إيران!!
والجميع يعلم أن مصر لا تملك سلاحاً نووياً!! فما الذي يخيف ليبرمان!! فمصر تتجه إلى خلق حياة برلمانية جديدة على أسس مدنية بمعايير الديمقراطية النيابية فلماذا تخاف الصهيونية وإسرائيل تحديداً من استعادة الشعوب العربية لسيادتها وكرامتها وحريتها في أوطانها، كل ذلك يعزز ما تقدم من أن الصهيونية العالمية قد اختارت شكلين من الحكم لجيران إسرائيل إما الدكتاتورية والعمالة للصهاينة وإما الفوضى والخراب لتلك الدول، وبالتالي فإن ما تنادي به الصهيونية من خلال وجوهها وألسنتها المتعددة في الشرق والغرب من إحلال الديمقراطية محل النظم الاستبدادية والشمولية فقيد بكونه لغير العرب والمسلمين، مع أن العرب لديهم من النظم السياسية العادلة ما يفوق الديمقراطية وسائر النظم لو أحسنوا تطبيقه والأخذ به.
لقد أدرك الأسد وعصاباته هذه الحقيقة فخرج إعلاميوه في وسائل الإعلام يعلنون بأن النظام لن يسقط حتى تطلع الشمس من مغربها وأمثال هذا الكلام الذي سببه الثقة المفرطة في القوى الصهيونية التي لها كما يقال أكثر من مائة يد في كل مكان وهذا ما يفسر لنا التشابه بل التطابق بين النظامين الإسرائيلي والسوري حيال تعاملهما مع القرارات الدولية وانتهاكها بشكل سافر.
لقد صدق ذلك الزعيم الآسيوي عندما قال: إن اليهودية العالمية تدير العالم بالوكالة! لقد اهتزت ثقة العرب والمسلمين بمجلس الأمن لقد أصبح مجلس الأمن مع الأسف الشديد أداة من أدوات الصهيونية العالمية لفرض الإرادة الصهيونية على شعوب الأرض، وموقفه من الثورة السورية خير شاهد على ذلك.
ولم تعد تلك العمليات التجميلية التي يقوم بها من خلال بياناته وقراراته تجدي شيئاً فالشعب السوري يتعرض لإبادة جماعية ومجازر وحشية والجميع يعلم أن المستهدف بتلك الجرائم هم الأكثرية من المسلمين السوريين وبالتالي فإن الرهان على انتصار النظام مستحيل لأنه معاكس للمنطق الحتمي إذا ضممنا إلى الشعب الأرض، توشك الصهيونية أن توقن بفشل خطة كوفي أنان التي لبها وجوهرها في جانبه العملي لا النظري هو القضاء على الثورة السورية يؤيد ذلك تعامل النظام مع هذه الخطة وفي المقابل الإشادة به أو على الأقل السكوت عن انتهاكاته الفاضحة لبنودها من قبل مجلس الأمن!

المصدر: صحيفة الجزيرة

سوريا.. وسقوط الأقنعة

سوريا.. وسقوط الأقنعة 
د. عبدالله عبيد الحافي (*)
تأتي المنح في طيات المحن؛ فقد سقط النظام الحاكم في سوريا عربياً وإسلامياً، وقبل ذلك وطنياً وأخلاقياً، وهو نظام ساقط بكل هذه المعايير منذ استيلائه على السلطة منذ أربعة عقود، هذه العقود الأربعة التي ائتمن فيها الخائن، وخُوِّن الأمين، واسترعت فيها الذئاب الغنم. اليوم، وفي احتفالية دموية، وفي رمقه الأخير، يلغ هذا النظام في دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والرجال من أبناء الشعب السوري المظلوم، في مشهد لا مثيل له، مشهد يذكِّر العالم بجرائم قادة المغول البرابرة يوم اجتاحوا بلاد الشام والعراق في منتصف القرن السابع الهجري. الشيء الأكيد هو أنه كلما عظمت جرائم هذا النظام كان ذلك أبعد من حصول مرادهم، وأسرع في زوالهم، بل وفي إصرار الشعب السوري في استئصال كل أثر أو مظهر يذكّر بهؤلاء السفاحين، وهذا يعني أن تطهير سوريا من رجس النظام الأسدي سيكون تطهيراً كاملاً، يحذو حذوها فيه جميع بلاد الشام، وخصوصاً لبنان، وهذا ما لا يمكن أن يحدث لولا هذه المجازر الوحشية التي ترتكبها عصابات الأسد بدعم من إيران وروسيا والصين، هذا النظام الذي ينتهك الأعراض ويغتصب الأطفال، ونحن نعلم ماذا تعني هذه الجرائم في القيم والأخلاق العربية، فضلاً عن الشريعة الإسلامية. لقد قطع هذا النظام كل خطوط الرجعة والمصالحة مع الشعب، وانساق وراء النصائح الإيرانية والروسية التي لا يعنيها إلا مصالحها التي لو وقف نظام الأسد في طريقها لداسوه بأقدامهم، هنا يظهر لنا عظم الخديعة والطعم الماكر الذي ابتلعه نظام بشار على يد وكلاء الصهيونية العالمية وطابورها الخامس من الإعلاميين والسياسيين ودهاقنة العمالة وأبواق الصهيونية، الذين ما زالوا ينعقون من خلف القنوات الفضائية بما لم يسبقهم إليه أحد من العالمين.

وكما قيل: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، لكن ما مصير عصابات الأسد ومرتزقة حزب الله بعد انتصار الشعب السوري ونيله حريته وكرامته؟ لقد وضح الشيخ الطفيلي الأمين العام السابق لحزب الله أن مصير هؤلاء بعد انتصار الشعب السوري هو اللجوء إلى إسرائيل، نعم اللجوء إلى إسرائيل، هذا كلام الشيخ الطفيلي؛ لأن حزب الله ونظام الأسد جزء من مشروع إسرائيل في المنطقة العربية، ويشرف على ذلك خادم الصهيونية الأمين في طهران؛ فهم جميعاً نسخة معدلة ومفبركة من سعد حداد وإخوانه المنشقين على أمتهم وأوطانهم، لم تكن لتظهر هذه الحقائق ويشاهدها الجميع اليوم لولا هذا القتل والتدمير الذي يقوم به نظام الأسد تجاه الشعب السوري المظلوم، وعلى هذا فيجب أن يصمت هؤلاء الكذابون المدافعون عن قتلة النساء واغتصابهن واغتصاب الأطفال، يجب أن يصمت هؤلاء الكذابون المدافعون عمن يقتلعون العيون والحناجر، ويسلخون الجلود في مشاهد تذكّر بتعاليم القرامطة والباطنية التي أنتجها الفكر اليهودي، وجعلها أداة يستخدمها لتمزيق وحدة المسلمين وتمكين الصهاينة في الأرض، ثم أقول:

لقد تطهرت بلاد الشام، وظهر الحق، وحصحص، وعلم القاصي والداني حقيقة الأكذوبة الكبرى التي كان يتستر بها نظام الأسد وحزب الله؛ فالقوم منافقون، لكن سقطت الأقنعة، (ومهما تكن عند امرئ من خليفة وإن خالها تخفى على الناس تعلم)، كما انكشف الطابور الإيراني في المنطقة العربية، وظهر للعيان عمق تحالفهم الاستراتيجي والمصيري مع دولة العدو الإسرائيلي والمافيا الصهيونية العالمية في سوريا.

لقد فَقَد العالم العربي والإسلامي ثقته بالأمم المتحدة ومجلس الأمن فكانت الثورة السورية هي القشة التي قصمت ظهر هذا البعير الأعمى الأصم والأبكم عما يحدث في سوريا وفلسطين. لماذا لا يحرك مجلس الأمن ساكناً؟
لأن النظام السوري والنظام الإسرائيلي يحملان عقيدة واحدة ورسالة واحدة وهدفاً واحداً.
وتخطئ إسرائيل عندما تعتقد أنها بمنعها دولاً كبرى من اتخاذ خطوات حاسمة ضد النظام السوري أن ذلك يحقق مصلحة لإسرائيل؛ لأن هذا النظام سيسقط اليوم أو غداً، لكن الشيء الأكيد هو أن هذا الموقف الإسرائيلي من الثورة السورية هو المسمار الأول الحقيقي في نعش إسرائيل ودولة أرض الميعاد.
وبيان ذلك أن الشعوب عندما تكتشف أن سيادتها الوطنية مسلوبة، وأن حاضرها ومستقبلها بيد غيرها، وتحديداً المافيا الصهيونية العالمية، فإن شعورها حينئذ هو شعور المقهور الذي سُلبت حريته وأرضه وكرامته، وهو شعور لا يختص بفئة أو طائفة من أبناء الوطن السوري، بل سيشمل جميع الشرفاء والأحرار حتى من غير المسلمين، بل سينظر جميع العرب والمسلمين إلى سوريا كبلد محتل يجب تحريره كما يجب تحرير فلسطين، وهنا ستدخل القضية العربية الإسرائيلية في منعطف جديد، سيؤدي إلى حتماً إلى خلق واقع جديد!!
إن ما تقوم به إسرائيل وإيران والولايات المتحدة من معارك كلامية وهمية حول البرنامج النووي الإيراني ليس إلا لصرف الأنظار عما يجري في سوريا.
ومهما يكن من أمر فالنظام السوري ساقط لا محالة، ولن يؤدي سقوطه إلى حرب كونية، كما أنه لن يتغير لسقوطه نظام المجموعة الشمسية، كل يوم يمضي وهذا النظام باق في السلطة يؤكد أن المؤسسات الدولية والإقليمية فقدت مصداقيتها، وتجردت من القيم الإنسانية والأخلاقية، وأصبحت أوكاراً للمتاجرة بدماء الشعوب ومصائرهم، وخير دليل على ذلك الموقف الروسي والصيني المشين، لكن الأيام دول، ومن يزرع الشر يحصد الندم، وإن غداً لناظره لقريب.
(*) أستاذ مساعد بكلية الملك خالد العسكرية

الاثنين، 18 يناير 2016

المجلس المحلي الحر في طرطوس

من المآسي المضحكة ما يردده نظام بشار ومعه حزب الله الإيراني في لبنان من مقاومة إسرائيل والتصدي للحرب العالمية التي تشنها القوى الكونية المجهولة ضدهم.
ولعل أغرب وسائل المقاومة هذه ما أعلن عنه النظام الأسدي من أنه سيدفع أسلحة نوعية إلى حزب الشيخ حسن!! الذي سيرد بها على الغارة الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي السورية، هذه الوسائل والوسائط الجديدة في عالم المقاومة الخنفشارية، مما لا يفهمه إلا بشار ونظامه، وبالتأكيد الشيخ حسن، تُذكِّرنا بالمثل العربي السائر «يا خال أبي حك ظهري»، كناية عن العجز والفشل وضياع الحيلة والارتكاس في الهزيمة. لقد سقط حزب الله ومعه جميع قياداته التي برهنت عملياً على أنها جيب إيراني صغير، يأتمر بأمر حكومة طهران، ولم يعد خُطب أمينه العام تنطلي حتى على عجائز بنت جبيل، ولم يعد أمامه سوى الهروب إلى الأمام والإيغال في دماء الأبرياء من الشعب السوري؛ فقد أصبح حسن نصر الله منبوذاً لدى طائفته في لبنان قبل أي طرف آخر، ولولا الحماية الإيرانية المباشرة له لكان هو وأشباهه في مزبلة التاريخ بعد هذه الجرائم النكراء في حق الشعبين السوري واللبناني.
لكن الشيخ حسن وراعيه الحصري نظام طهران يتمتعان بحس مرهف في عالم الخداع والجرائم، ولا عجب فهم أحفاد اليهود العبيديين الذين استجلبوا الصليبيين لغزو بلاد الشام واحتلال بيت المقدس، وهم ورثة النصير الطوسي وابن العلقمي الذين كاتبوا المغول لغزو الشرق الإسلامي وإسقاط عاصمة الخلافة الإسلامية آنذاك، والتاريخ كما يُقال يعيد نفسه!! ومقاصدهم وغاية ما يسعون إليه في الخفاء هو ما تعلنه إسرائيل على رؤوس الأشهاد من القضاء على العرب والمسلمين وتمزيقهم، ومنعهم من حكم أنفسهم أو بسط سلطانهم على بلادهم، وإيقاف حركة النمو والتنمية في مجتمعاتهم.. هذا هو الواقع المرير لنظام طهران وما يدور في فلكه من أحزاب وتنظيمات، لم تعد تخفى على أحد. أما المقاومة التي يزعمونها فليست سوى فلسفة الأقوياء عندما يصنعون أعداءهم بأنفسهم، فيشغلون المكان بمن يريدون؛ حتى لا يشغله غيرهم. هذه هي حقيقة حزب الله الإيراني في لبنان والنظام الطائفي النصيري في سوريا وحزب الدعوة والصدريين في العراق.. وليست هذه بأول رزايا الأمة بهؤلاء؛ فمنذ بدء هذا الفكر على يدي عبدالله بن سبأ اليهودي والمسلمون معهم في عناء وبلاء، لكن ما الجديد في الأمر حتى انخرطت إيران بهذا الشكل الفاضح والمشين في قتل السوريين واحتلال بلادهم؟ فأقول: إن الثورة السورية العامة عجَّلت بكشف هذا التحالف الخفي بين القوى الصهيونية العالمية، ممثلة في مجلس الأمن باستثناء الصين، وأدواتها القديمة الجديدة في الوقت نفسه، وهي الباطنية الملحدة التي يمثلها نظام طهران والمتحالفون معه.
فلو سقط النظام السوري كان ذلك شارة البدء لسقوط نظام طهران، وإذا سقط الرأس سقطت الأذناب كما يقال، وهذا أمر لا تريده الصهيونية العالمية؛ فهي لا تريد الاستقرار للمنطقة، وتحرص على بقائها متوترة وسوقاً لأسلحتها، وتحرص على بقاء العداء بين أطرافها ومكوناتها الدينية والعرقية، وأن تقوم هي بدور الضامن للسلم والأمن! لذلك انخرط النظام في طهران ومعه أدوات الفتنة في المنطقة بكل ما أوتوا من قوة لدعم عصابات بشار استجابة للاستراتيجية الصهيونية العالمية المرسومة للمنطقة العربية، فاتفق الصهاينة بوجوههم وألسنتهم المتعددة مع خدم وعبيد الصهاينة على منع سقوط نظام بشار.
فكان السوريون يُذبحون بالسكاكين والنساء تُغتصب والقتلى تجاوزوا ثلاثمائة ألف، كل ذلك يجري على أيدي هؤلاء الطائفيين وحليفهم السياسي (مجلس الأمن) يوفر لهم الغطاء الدولي والدبلوماسي، في مشهد لا يقوم له عذر لمعتذر!!
عندما وصلت الأمور إلى هذه النقطة كان يجب أن يسقط الحياد العربي، وأن يتجاوز الدعم الورقي والكلامي، وكان يجب أن يرفض العرب النصائح والإملاءات الأمريكية والأوروبية؛ فلكل أمة معالم وحدود ومبادئ، إذا لم تغضب لها ولم تحمها فقد تودع منها، وقُلْ عليها السلام.
إن الثورة السورية وما صاحبها من مواقف وتكتلات إقليمية ودولية يجب أن تكون سبباً حقيقياً في مراجعة حساباتنا نحن العرب والمسلمين؛ فقد سقطت أقنعة كثيرة عن وجوه كنا نظن أنها حقاً تؤمن بحرية الإنسان وكرامته وعيشه بأمن وسلام على أرضه، فإذا بتلك الوجوه ما هي إلا وجه واحد فقط، هو وجه «بطرس السايح»، الذي تحول إلى بغل تركبه الصهيونية العالمية وحلفاؤها لتحقيق مآربهم في الشرق الإسلامي.
من المستهجن أن تعبِّر أمريكية وأوروبا عن قلقها من وجود جماعات تصفها بالمتطرفة، بينما أكثرية الشعب السوري تُذبح ويُنكل بها على يد أقلية، تملك السلاح الروسي والإيراني، وتدعمها قوات حزب الله وحزب الدعوة وفيلق القدس وبدر وميليشيات الصدر، وغيرهم، ولا أحد يعبِّر عن قلقه، حتى الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وكأن الطائفية والتطرف دائماً تهمة توجَّه إلى الأكثرية، بينما الآخرون هم منها أبرياء!! ما هذا المنطق المتغابي المستخف بحقوق الشعوب؟! هذا المنطق الذي لا يصدر إلا عن دول وقيادات ملأ الحقد والكراهية نفوسهم وقلوبهم ضد أكثرية الشعب السوري الثائر على الظلم والاستبداد.
ستنتصر الثورة السورية - بإذن الله - رغماً عن أنف روسيا وإيران ومجلس الأمن، الذي لا يبعد سوى أمتار قليلة عن مجلس الماسونية الكونية. لقد اختار هؤلاء جميعاً الحرب على الشعب العربي السوري المظلوم، وهذا العدوان له تبعات يجب أن يتحملها العالم الإسلامي والعربي ونظمه السياسية ومؤسساته الدينية، وخصوصاً علماء الجزيرة العربية وبلاد مصر وشمال إفريقيا وباكستان وتركيا والجمهورية الإسلامية الروسية.. فكل هؤلاء عليهم واجب الدفاع عن إخوانهم المسلمين في سوريا الذين أصبحوا هدفاً لعدوان وحرب سافرة، تقودها روسيا وإيران، وتحميها أمريكا وأوروبا سياسياً. يجب على العرب والمسلمين أن لا يسمحوا بسقوط سوريا وبلاد الشام في أيدي الصهيونية وحليفتها الباطنية مرة أخرى، إنها حرب أرادها أعداء الأمة قديماً وحديثاً، ووقف إلى جانبهم حليفهم الذي صنعهم وأخرجهم إلى الوجود كقوة، وعليهم أن يتحملوا تبعاتها، فعندما يُقتل الأطفال وتُغتصب النساء ويهلك الحرث والنسل فالخطوط الحمراء يجب أن يضعها أهل الإسلام، وليسوا بحاجة إلى وصاية من أحد.

سيبقى الإسلام، وسيبقى العرب أمة عزيزة مجيدة مهما كشَّر الخونة والعملاء، ومهما تعاظمت أسباب نفوذهم، لكن سرعان ما يذوبون ويضمحلون عندما تقمعهم مقامع الحق، وهذا هو مصير القتلة والمتآمرين على الشعب السوري وثورته العظيمة، فإنهم سيختفون من الأرض، وستطولهم يد العدالة، وستلاحقهم اللعنات؛ لأنهم ملعونون في الأرض وفي السماء

خطة كوفي أنان.. مهلة التهجير والإبادة الشاملة!

مضى أكثر من عام على اشتعال الثورة السورية العامة ضد نظام الظلم والاستبداد الطائفي في سوريا، وقد فشل الأسد وأعوانه وداعموه في لبنان وإيران وروسيا والصين في إيقاف الثورة، كما فشل في الالتزام بوعوده الإصلاحية حتى في الحد الأدنى منها
وتحت الضغط الشديد من ثورة الداخل وأطراف عدة في المجتمع الدولي ترتبط مواقفها بعامل الوقت الذي بدأ في غير صالح النظام وحلفائه الدوليين، في هذا الظرف الدقيق والحاسم ظهر على الساحة الدولية ما عُرف بخطة كوفي أنان التي لبها وحقيقتها حبل النجاة لهذا النظام المتداعي المتهالك يوماً بعد يوم، لم تكن هذه المبادرة السياسية تحمل أي معنى للإصلاح أو حتى احترام حقوق الإنسان السوري الذي يُذبح ويُنكّل به في وطنه.
وكانت مبادرة كوفي أنان تنطوي على مهلة غير معلنة في بدايتها مما يدل على سوء النية المبيّتة ضد الشعب السوري والثورة السورية فاستغل الأسد وعصاباته هذه المهلة - الأخيرة - وبدعم روسي بالسلاح والخبراء وبدعم إيراني يتمثّل بالمليشيات التي تدور مع فلك الفكر الخميني في لبنان والعراق اتجه النظام إلى الأسلوب الأخير في خطة قمع الثورة والقضاء عليها وهو أسلوب التهجير والإبادة الشاملة، وذلك بعد فشل أسلوب القمع الفردي أو المحدود، فاستبيحت مدن وبلدات بأكملها وأصبح الضحايا والمهجّرين بالآلاف؟ كل هذا يجري وكوفي أنان يتنقَّل بين عواصم روسيا وبكين وإيران يطلب الرحمة والإنصاف للشعب السوري من قاتليه وسارقي حريته وكرامته! لقد كان المنطق الروسي والإيراني واضحاً منذ بداية الثورة وهو استغلال هذه المسألة لإلحاق أشد الأضرار بالأمة العربية والإسلامية وإضعافها ونشر الأحقاد والفتن بين أبنائها وليس هذا بمستغرب لأن كلا النظامين الروسي والإيراني وبإجماع الباحثين في الآراء والمعتقدات يتفقان في وحدة المصدر وهو الفكر اليهودي والعقلية الصهيونية، وهما يعملان مع النظام السوري منذ بداية الأزمة ضمن فريق عمل دولي يمثّلان فيه الوجه البارز الظاهر وتمثّل إسرائيل والولايات المتحدة الوجه الخفي المستتر، وللإنصاف فإن الحكومة الأمريكية في تعاملها مع الثورة السورية واقعة تحت ضغط شديد من اللوبي الصهيوني الأمريكي، فالولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون قد كفروا كفراً بواحاً بالديمقراطية من خلال موقفهم من الثورة السورية.
لم يكن النظام السوري ليقدم على هذا القتل والتدمير المكشوف والذي يعتبر جريمة ضد الإنسانية ومن جرائم الإبادة الجماعية، لم يكن ليقدم على ذلك لولا الدعم الروسي والصيني الذي لا يستطيعان إنكاره، أو التخلّص من تبعاته في مستقبل الأيام، والأيام دول كما يُقال.
لكن هل اكتفت روسيا والصين بما حدث وتعادلت كفتها مع كفة حلف الناتو حيال جرائمه في المشرق العربي والإسلامي ولم يعد أحد منهم أسوأ من الآخر؟! هل ينتهي الابتزاز الروسي للغرب بتدمير حمص وريفها وحلب وإدلب والزبداني وريف دمشق ودرعا وغيرها؟ هل قبضت روسيا الثمن مقابل سكوتها عن جرائم الغرب تجاه الشرق؟!
بعد كل ما حدث ويحدث يجب أن يعلم الجميع أن الشعب السوري والعربي والإسلامي لن يغفر لروسياوإيران وميليشياتها جرائمهم بحق الشعب السوري، وإن هذه الجرائم ستظل حاضرة في الوجدان السوري والعربي والإسلامي عقوداً طويلة حتى يتم القصاص العادل.
إن تدمير المدن والبلدان وإزهاق الأرواح وانتهاك الأعراض لا يمكن أن يكون إصلاحاً أو سبيلاً للإصلاح أو طريقاً لحل سياسي إنه جريمة وعدوان يجعلان كل من ينفذه ويدعمه هدفاً مشروعاً للمحاسبة، وهو حق تكفله النظم والشرائع كافة. إن منطق القوة لا يعني المشروعية وإلا لكان هتلر محقاً عندما قام بغزو العالم في أربعينيات القرن الماضي، إن حق النقض الفيتو وكذلك المبادرات السياسية، لا تجعل الحق باطلاً ولا الباطل حقاً وإنما غايتها في مثل المسألة السورية أن تكشف عن الانحطاط الأخلاقي والحضاري لدى تلك المؤسسات وتلك الأنظمة التي تنتهج هذا الطريق لشرعنة الظلم والعدوان وانتهاك حقوق الإنسان

شبيحة الأسد.. القرامطة الجدد

بعيداً عن القراءة السياسية متعددة المنطلقات، وبكل بساطة ووضوح فإن ما يجري في سورية اليوم هو حرب طائفية من طرف واحد هو نظام الأسد والمتحالفون معه في الداخل والخارج. هي حرب موجهة ضد الشعب السوري العظيم بكل أطيافه ومكوناته، في هذه الحرب المكشوفة سقطت أقنعة كثيرة لم يفاجأ بها العرب والصادقون مع أنفسهم وقضاياهم، لقد أثبتت هذه الأحداث في سورية ما يكنه النظام الحاكم من عداء شديد للشعب العربي السوري ومن ورائه الشعوب العربية كما أثبتت هذه الأحداث أن حلفاء الأمس هم حلفاء اليوم، فالنظام في طهران وجيوبه وأبواقه في العراق وفي لبنان هم الحلفاء الحقيقيون لكل عدو للعرب والمسلمين.
إن ما يسميهم الإعلام اليوم (الشبيحة) ما هم إلا امتداد للقرامطة القدماء الذين سفكوا الدماء وانتهكوا الحرمات في كل بلد وطئتها أقدامهم، فهم طوائف همجية ليس لهم وازع من دين ولا من خلق، يستمدون تعاليمهم من مذاهب هدامة وأفكار إلحادية هي في حقيقتها حرب على القرآن الكريم وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإن زعم أهلها أنهم مسلمون فالعبرة بالحقائق وليست بالدعاوى، وما تأليه بشار الأسد وهدم المساجد وقتل المصلين في عهد والده ثم في عهده إلا دليل على ما يعرفه أهل العلم والإيمان عن حقيقة هذه الطوائف التي تغذيها اليوم الحكومة في إيران التي انكشف حقدها على كل ما هو عربي ومسلم.
كما أن هذه الأحداث كشفت أكذوبة المقاومة والممانعة التي يزعمها النظام في سورية ضد إسرائيل فها هو وأزلامه يستنجدون بالصهاينة كما استنجد بهم أخوه القذافي من قبل.
يخطئ من يقفون مع هذا النظام من الدول الكبرى محاولين الاستفادة من بقاء الأمور كما هي، لكن الشعب السوري العظيم قال كلمته، وأيام هذا الطاغية ونظامه معدودة، وعندما ينتهي العمل يتبعه الحساب.
إن المواقف المخزية لما يُسمّى أمين عام حزب الله اللبناني وتدخله السافر في الشؤون الداخلية السورية مدفوعاً من ولي نعمته في طهران ليكشف عن العلاقة التاريخية بين معتنقي المذاهب الملحدة في كل ما من شأنه إلحاق الأذى بالعرب والمسلمين. فهذا هو بشار الأسد لم يؤيده إلا اليهود وبعض النصارى وورثة الفكر الإلحادي.
لقد وقف العرب مع كافة اللبنانيين في حرب 2006 التي كان سببها حماقات أطفال الخميني في لبنان، لابد من المصارحة والمكاشفة ليعلم أتباع ومعتنقو الفكر الباطني بكافة فروعه ومسمياته أنهم أقلية إلى جانب السواد الأعظم من العرب والمسلمين حتى داخل البلاد الإيرانية نفسها، وليعلموا أن القتل والإرهاب لم يجعل الباطل حقاً في يوم من الأيام، وأن العاقبة للمتقين، وليعلموا أن الخير لهم هو كف أذاهم عن المسلمين وحجز سفهائهم ومنعهم من إشعال فتنة هم أول ضحاياها وقد تودي بهم جميعاً. إن على حزب الله اللبناني وحركة أمل ودهاقنة الفكر المجوسي في طهران وقم أن يعلموا أن لدى العرب والمسلمين ما يدفعون به عدوان المعتدي جزاء وفاقاً متى ما استبان الأمر واتضح، معتمدين في ذلك على الحقائق والوقائع المشاهدة وهو أمر تؤيده الفطرة السوية والأنظمة العادلة المرعية.

إن القتل والإرهاب وهتك الحرمات لم يكن يوماً شعاراً لأهل الإسلام، إنما هو شعار الفرق التي ديدنها الفتك والغدر والخيانة وموالاة كل عدو للأمة، لقد أشاع النظام السوري في بداية هذه الثورة العامة ضده، إن من يقف وراء هذه الأحداث هم جماعات سلفية تريد تكوين إمارات إسلامية في الشام لكن سرعان ما تراجع عن هذا الزعم بعد ما افتضح أمره وبان كذبه للعالم قاطبة ونسي هذا النظام أنه أصبح صنيعة لإيران تحركه كيف تشاء. لقد أصبح الإفساد الإيراني في العالم العربي أمراً لا يحتمل ولابد من اتخاذ خطوات سياسية وشعبية لكشف حقيقة ما تقوم به إيران من زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة العربية بأسرها ووضع النقاط على الحروف في مستقبل العلاقات مع هذه الدول المؤذية

إيران والربيع العربي

منذ اندلاع الثورات العربية فيما يعرف بالربيع العربي والحكومة الإيرانية تبحث لها عن قاسم مشترك مع هذا الوضع الجديد في تلك البلدان الثائرة. وقد واكبت إيران هذه الأحداث إعلامياً، فخصصت في القسم العربي لصوت الجمهورية الإسلامية من طهران برامج يومية للرصد والتحليل الذي يشتمل على الكثير من الكذب والتضليل خصوصاً فيما يتعلق بالبحرين وسوريا. فمن متابعة ما تذيعه من تقارير وتحليلات عن الأوضاع في هاتين الدولتين ينكشف المنهج الإيراني في علاقاتها الدولية وخصوصاً مع العالم العربي، فهي ترى ما يحدث في هذه الدول لا بعين الحقيقة بل بعين مصلحتها التي تسعى إلى تحقيقها بالقوة والسيطرة. ولست أقصد بالمصلحة هنا المصلحة الوطنية، ذلك أن المصلحة الوطنية هدف لكل نظام سياسي في العالم اليوم وتحقيق المصلحة الوطنية لا يقدح في حسن العلاقات الدولية. لكن المصلحة لدى الحكومة الإيرانية هي إيصال مبادئ الثورة الخمينية إلى المنطقة الإسلامية بأسرها. فموقف جمهورية إيران مما يحدث في البحرين وفي سوريا أكبر دليل على أن جمهورية إيران لا تملك مبادئ ثابتة في العلاقات الدولية، وذلك أن إيران تعلم جيداً أن بعض الكتل البرلمانية المعارضة في البحرين ليس لديها مشكلة وطنية، والمشكلة لديها هي في اعتناقها الأيديولوجيا الخمينية التي صدرتها إيران إلى البحرين عن طريق بعض العناصر الموالية لإيران، وهذا هو ذات الشيء الذي حصل في لبنان سابقاً من خلال ما يعرف بحزب الله، وهذا عكس ما يحصل في سورية تماماً فالشعب السوري المضطهد طيلة عقود لا يريد إلا كرامته الإنسانية وحريته المدنية وأن يعيش على أرضه بسلام بعيداً عن وصاية نظام بشار وحزب الله اللذين تساندهما إيران بكل ما أوتي من قوة. فالذي يقيس ما يجري في سورية على ما يجري في البحرين كالذي يقيس الخمر على الماء.
وعلى ذلك، فلن يصدِّق العرب والمسلمون ما تزعمه إيران من ترحيب بتلك الثورات وإطراء لها، لأن ذلك لا يعدو حيلة مكشوفة للتسلل إلى تلك البلدان العربية وزرع بذور الفتنة في مجتمعاتها ثم تركها تعاني في جحيم الطائفية كما فعلت ذلك في لبنان والعراق وتحاول أن تفعله اليوم في دول أخرى (مصر وليبيا).
فمنذ قيام الثورة الإيرانية والعلاقات الإيرانية العربية غير جيدة، والسبب في ذلك هو النوايا الإيرانية المعلنة وغير المعلنة تجاه المنطقة بأسرها، فهي تملك مشروعاً توسعياً على أساس طائفي تهدف منه إلى تمزيق العالم العربي، فلم يكن الفكر السياسي الذي جاء به الخميني وسارت عليه إيران بعده لم يكن في يوم من الأيام إيجابياً أو قابلاً للإيجابية مع الآخرين، يدل على هذا العزلة التي يعيشها النظام السياسي الإيراني في العالم اليوم. ولم تكن إيران لتبلغ بعض ما أرادت من التأثير في المنطقة العربية لولا الفراغ الذي تركه تخلي دول عربية كبرى عن دورها الذي كان يجب أن تقوم به في المنطقة ورسم حاضرها ومستقبلها، وهي قادرة على ذلك بما تملك من أدوات التأثير وعوامل القوة. ونتمنى أن لا يستمر هذا الفراغ لأن المنطقة ستدفع ثمناً باهظاً جراء ذلك.
إن معرفة العقيدة السياسية لإيران اليوم تجعل الحوار العربي مع هذا النظام أمراً مستحيلاً، ذلك أن الولي الفقيه الذي يرسم سياسات الجمهورية يساوي تماماً في الفكر السياسي الإيراني الإمام الغائب المعصوم - عندهم - فإذا علمنا أن هذا الإمام الغائب المعصوم هو في هذا الفكر في رتبة ومنزلة تفوق رتبة ومنزلة الأنبياء - عليهم السلام - علمنا أن الولي الفقيه في منزلة من يملك الحقيقة المطلقة، وهذا في حقيقته خلع لصفات الألوهية والربوبية على هذا الولي الفقيه. هذه هي الروح السياسي لإيران اليوم وتُعرف بنظرية ولاية الفقيه. وفي الحقيقة أنها ليست سوى نظرية سياسية، بل هي أيديولوجيا عقدية، وهي امتداد للعقيدة الباطنية الإلحادية التي تؤله البشر وتبطل الشرائع، وتهدف إلى إقامة دولة هؤلاء على أنقاض دولة الإسلام في كل مكان وزمان يوجدون فيه، وقد ظهروا عبر التاريخ الإسلامي بمسميات عدة كلها تعود إلى الفكر الباطني. فجذور الفكر السياسي الإيراني اليوم تعود إلى تلك الأصول الإلحادية، فجميع الفتن والقلاقل التي عاشتها الدولة العربية الإسلامية منذ نشأتها كان مصدرها في الغالب باطني النزعة والوجهة، وعصرنا الحاضر خير شاهد على ذلك.
ليس باستطاعة أحد أن يصدق ما تقوم به إيران من التباكي على مظلومي العالم العربي وهي التي فتكت بمئات الآلاف من أبناء العراق بعد الاحتلال الأمريكي، وذلك من خلال منظماتها وأجنحتها السياسية والعسكرية التي تقمصت روح الولي الفقيه ونظامه في طهران، وتكررت هذه الجريمة في سوريا اليوم عن طرق مرتزقة الفكر الباطني الذين يتوافدون على سوريا من لبنان وإيران والعراق لقتل الشعب السوري وإذلاله.
فأي حوار وأي تعاون يمكن أن يتم مع هذا النظام المتشبع بالحقد والكراهية لكل ما هو عربي ومسلم إلا من كان على ملتهم ونحلتهم. إن النظام الإيراني لا يملك اليوم أي مشروع حضاري أو تنموي في المنطقة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فهو لا يملك إلا مشروعاً تخريبياً يعتمد الورقة الطائفية، وأما زعمه دعم المقاومة ضد إسرائيل فهو أمر لم يعد يخفى بطلانه وكذبه على أحد، فكل ما يحدثه نظام طهران من ضجة حول المقاومة ومساندتها إنما هو لتبرير وشرعنة تسليح حزب الله وعدم نزع سلاحه، كما يطالب بذلك اللبنانيون كافة، وذلك لكي بقى هذا الحزب كما الأحزاب الأخرى في العراق وسوريا خنجراً في خاصرة العرب والمسلمين وأداة لتنفيذ الإرهاب الإيراني في المنطقة كما هو مشاهد، وما حرب 2006م التي بدأها حزب الله بإطلاق صواريخه تجاه إسرائيل إلا بتوجيه من إيران بعد أن اشتدت عليه الضغوط لنزع سلاحه، فأراد أن يخلط الأوراق من جديد ويعيد أكذوبة المقاومة من جديد. لقد وجهت المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في اغتيال الرئيس المغدور رفيق الحريري -رحمه الله- الاتهام إلى عناصر من حزب الله اللبناني ويرفض أمين هذا الحزب تسليمهم للعدالة الدولية، وهذا يشير إلى أن حزب الله اللبناني متهم باغتيال الرئيس المغدور رفيق الحريري -رحمه الله- لكن السؤال الأهم فيما لو ثبتت هذه التهمة: هل قتل هذا الحزب للرئيس الحريري كان أصالة عن نفسه أو نيابة عن غيره؟! ومن هو هذا الغير؟!
لقد استعادت مصر والأردن أراضيها المحتلة بالحرب أو المفاوضات فما الذي استعادته سوريا ولبنان من أراضيهما المحتلة؟!
كل هذا يكشف عن كذب إيران وجيوبها في المقاومة ضد إسرائيل، إن اختطاف عشرات المعارضين السوريين في لبنان منذ اندلاع الثورة السورية وما يلقاه اللاجئون السوريون في لبنان من مضايقات ومعاملة لا إنسانية، كل ذلك يشير إلى أن إيران وأذرعتها في لبنان لا تستهدف إلا الشعوب العربية المسالمة، فكيف يصدق العرب دموع التماسيح التي تذرفها إيران على مظلومي العالم!! 

حقيقة النظام الإيراني

لم تكن الثورة الإيرانية التي قادها الخميني وأدت إلى سقوط حكم الشاة البهلوي، لم تكن مجهولة الأهداف ولا مجهولة المكونات العقائدية والفكرية، ولا مجهولة مصدر الصناعة والمنشأ الذي أخرجها إلى عالم الواقع وزجّ بها داخل جغرافية العالم الإسلامي، وداخل الجسد الإيراني تحديداً، إيران التي ظلت قرابة عشرة قرون منطقة إسلامية وموطناً لكثير من علماء الإسلام حتى منتصف القرن العاشر وتحديداً عام (957م) حيث أعلن الصفويون المذهب الباطني ديناً رسمياً للدولة، منذ ذلك التاريخ طويت صفحة مشرقة وعزيزة على جميع أهل الإسلام، حل محلها الحاقدون على الإسلام وأهله، منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم وبلاد إيران تُعتبر نقطة ضعف في المجتمع الإسلامي، فقد أحيا الصفويون ما اندثر أو كاد يندثر من مبادئ الباطنية وعقائدها، وكان أخطرها هو القول بأن الوحي الإلهي له ظاهر وباطن، وأن الظاهر غير مراد ولا قيمة له، وإنما المراد هو الباطن وهذا الباطن لا يعلمه إلا الأئمة المعصومون، فهو لا يتلقى من القرآن الكريم ولا من السنة النبوية ولا اللغة العربية ولا غير ذلك، بل هو علم إرثي مستور ومكنون وحكر على الأئمة وما على الدهماء والعامة إلا السير في رِكاب هؤلاء حتى لو كان إلى جهنم وبئس المصير!!
وكان القصد من انتهاج هذا النهج هو إحداث القطيعة بين ألفاظ القرآن الكريم والسنة النبوية والمصطلحات الشرعية من جهة، وبين المضامين والمعاني التي تحتويها هذه الألفاظ.
في أصل وضع اللغة وهو اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن الكريم ونطق به رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا السلوك التخريبي للشرع والعقل يترتب عليه ضرب الوحدة الاجتماعية في المجتمع المسلم فيقطع الصلة بين الألفاظ ومعانيها يمكن للباطنية أن تدخل الكثير من المفاهيم والأفكار المتناقضة والمتضادة فتجعل التوحيد شركاً والشرك توحيداً، والكفر إيماناً والإيمان كفراً والسنة بدعة والبدعة سنة والحلال حراماً والحرام حلالاً، وهكذا فعندما هدموا أصول البيان الشرعي وهي القرآن والسنة وكسروا وحطموا وسيلة هذا البيان وهي اللسان العربي المبين أصبح الاستهزاء بالدين والتلاعب به والسخرية من أهله هو أعظم صفات الباطنية التي تعتبر الثورة الخمينية والنظام الإيراني القائم الآن هما الامتداد والوريث الحقيقي لها.
وهذا ما أغرى أعداء الإسلام قديماً وحديثاً باتخاذ هذه الطائفة ومعتنقي هذا الفكر مطية لتحقيق أغراضهم وأطماعهم في النيْل من الإسلام والمسلمين.
إن الأساس الذي قامت عليه الثورة الخمينية هو ما يُعرف بنظرية (ولاية الفقيه) التي تعتبر الموجه للسياسات العامة للنظام الإيراني، وليس خافياً على الباحثين في العقائد والمذاهب الفكرية. إن نظرية ولاية الفقيه هي امتداد المقولة البابية والبهائية التي جوهرها ولبّها هو القول بنسخ الشريعة الإسلامية وإبطال العمل بالقرآن، وليس مصادفة أن يكون منشأ هاتين الفرقتين هي بلاد إيران، فنظرية ولاية الفقيه أخرجها وابتدعها صاحب الفرقة الشيخية وتلقفها منه تلميذه كاظم الرشتي وخرج من عباءتها أي - الشيخية - البابية ثم البهائية التي أعلنت حقيقة هذه النظرية - ولاية الفقيه - وهي أن النبوة المحمدية قد بطلت وأن الشريعة الإسلامية قد نسخت، وأن الباب ومن بعده البهاء قد ابتدؤوا عصراً جديداً وشريعة جديدة، ثم جاء الخميني وأحيا هذه المقولة وجعل الفقيه نائباً عن الغائب والمنتظر لكنه يملك حق نسخ الشرائح وحق التشريع والإلزام مع ما في موروثة الفكري والعقائدي من القول بتحريف القرآن، فأحيا بذلك الفكر الوثني المناقض للإسلام، وسعى إلى زعزعة أمن واستقرار العالم العربي والإسلامي، وإحياء الحروب والفتن الطائفية كل ذلك خدمة للصهيونية والصليبية العالمية التي ترعاه وترعى مشاريعه التدميرية.
فقد رأت اليهودية العالمية والغرب الصليبي بشقيه الشيوعي والرأسمالي، رأى هؤلاء جميعاً في بلاد إيران والنظام الإيراني نقطة ضعف في العالم الإسلامي ومنطقة رخوة يؤتى الإسلام وأهله من قبلهم يتم من خلالها تقويض قوة الإسلام والمسلمين وخلخلة المجتمع المسلم والنيْل من مبادئه وأصوله وعقائده وتشريعاته. لقد سلك النظام الإيراني منهج العداء السافر للمسلمين، ومنهج العداء الخفي والمبطن لقواعد الإسلام وأصوله التي أعظمها إفراد الله بالعبادة والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم، والحال هذه ليست نفاقاً بل تجاوزت النفاق، فالمسيطر على الفكر الديني لدى النظام الإيراني هو تلك الأساطير المنطوية على تأليه البشر والتلاعب بنصوص الوحي وإسقاط نقلته كخطوة ضرورية لإسقاطه لتحل محله الروايات والأخبار المكذوبة ليبقى الاتباع في عزلة وقطيعة تامة مع المجتمع الإسلامي الكبير، فالثورة الخمينية والنظام الإيراني الذي يمثلها تعتمد منهجاً تربوياً يقوم على تحريف الشرع وإلغاء العقل، وإذكاء العاطفة المنحرفة وتكريس الخرافة والأسطورة والحرص على إبقاء جذوتها مشتعلة طوال العام، وذلك من خلال الأعياد والأيام والمناسبات والمآتم، التي تستهلك الكثير من أيام العام، فيبقى الاتباع تحت ضغوط هذا الكم الهائل من الحراك المذهبي والاجتماعي الذي يصب في هدف واحد فقط هو تسخير المجتمع الإيراني لمطامع الباطنية الخمينية ونشر أحقادهم وتحقيق أحلامهم في تدمير الإسلام والمسلمين، ورأينا كيف تم تدمير بلاد العراق وسوريا، بل كيف دمّر هؤلاء بلاد إيران نفسها، وكيف يحاولون ذلك في بلاد اليمن والخليج من خلال أدواتهم وأساليبهم التي لم تعد تخفى على أحد، فتصدير الثورة الخمينية الباطنية، وإشعال الحروب الطائفية في المنطقة، وكذا البدء في تنفيذ الخطة الخمسينية أو ما بات يعرف ببروتوكولات آيات قم، وبقطع النظر عن مشروعيته حسابات ما يُعرف بالربيع العربي، فقد كانت الخطة الخمينية تشتمل ضمن بنودها على وجوب إيجاد قطيعة بين علماء الإسلام وبين الأنظمة الحاكمة لتلك الدول والقيام بالتحريض وإثارة الاضطرابات، ثم تحريض الأنظمة والحكومات على أولئك بهدف إثارة العامة على تلك الحكومات التي ستواجه أولئك المتأثرين بالقمع، فيتحقق للنظام الإيراني وللحركة الصهيونية التي تقف وراءه نتائج محصلتها سوء ظن الحكام بالعلماء وأهل الرأي والفكر، ونمو الحقد والعداء بين الطرفين وضياع مكانة أهل اإسلام وضياع سلطتهم أو ضعفها وإحجام تلك الدول على نشر الإسلام والدعوة إليه مما يفسح المجال للمد الباطني الذي يتبناه النظام الإيراني للتمدد في داخل جغرافية العالمين العربي والإسلامي باسم الإسلام، وقد رأينا مبادئ هذه المرحلة وكيف تعاملت الصهيونية العالمية والنظام في طهران مع ظاهرة ما يُعرف بالربيع العربي، وكيف تمت شيطنة الإسلام ما عدا المذهب الباطني مدعومين في ذلك ببعض المخدوعين من المسلمين، لولا ما قيّضه الله على يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - الذي وأد الفتنة وأطفأ شررها وأعاد المشروع الصهيو - إيراني مائة عام إلى الوراء، ومع ذلك فإن النظرة الإستراتيجية للنظام الإيراني للمنطقة لا ترتكز على الفكر الديني، وإن كان هو أهم تلك المرتكزات، بل هناك أطماع تاريخية، ومصالح اقتصادية، وتحالفات مع الأعداء التقليديين للأمة، فيجب علينا قراءة مفردات ومنهج إيران خصوصاً بعد الثورة الخمينية، وفهمه واستيعابه، حتى لا نخفق في معالجة هذا الخطر المحدق بنا.
لم تكن الثورة الإيرانية التي قادها الخميني وأدت إلى سقوط حكم الشاة البهلوي، لم تكن مجهولة الأهداف ولا مجهولة المكونات العقائدية والفكرية، ولا مجهولة مصدر الصناعة والمنشأ الذي أخرجها إلى عالم الواقع وزجّ بها داخل جغرافية العالم الإسلامي، وداخل الجسد الإيراني تحديداً، إيران التي ظلت قرابة عشرة قرون منطقة إسلامية وموطناً لكثير من علماء الإسلام حتى منتصف القرن العاشر وتحديداً عام (957م) حيث أعلن الصفويون المذهب الباطني ديناً رسمياً للدولة، منذ ذلك التاريخ طويت صفحة مشرقة وعزيزة على جميع أهل الإسلام، حل محلها الحاقدون على الإسلام وأهله، منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم وبلاد إيران تُعتبر نقطة ضعف في المجتمع الإسلامي، فقد أحيا الصفويون ما اندثر أو كاد يندثر من مبادئ الباطنية وعقائدها، وكان أخطرها هو القول بأن الوحي الإلهي له ظاهر وباطن، وأن الظاهر غير مراد ولا قيمة له، وإنما المراد هو الباطن وهذا الباطن لا يعلمه إلا الأئمة المعصومون، فهو لا يتلقى من القرآن الكريم ولا من السنة النبوية ولا اللغة العربية ولا غير ذلك، بل هو علم إرثي مستور ومكنون وحكر على الأئمة وما على الدهماء والعامة إلا السير في رِكاب هؤلاء حتى لو كان إلى جهنم وبئس المصير!!
وكان القصد من انتهاج هذا النهج هو إحداث القطيعة بين ألفاظ القرآن الكريم والسنة النبوية والمصطلحات الشرعية من جهة، وبين المضامين والمعاني التي تحتويها هذه الألفاظ.
في أصل وضع اللغة وهو اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن الكريم ونطق به رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا السلوك التخريبي للشرع والعقل يترتب عليه ضرب الوحدة الاجتماعية في المجتمع المسلم فيقطع الصلة بين الألفاظ ومعانيها يمكن للباطنية أن تدخل الكثير من المفاهيم والأفكار المتناقضة والمتضادة فتجعل التوحيد شركاً والشرك توحيداً، والكفر إيماناً والإيمان كفراً والسنة بدعة والبدعة سنة والحلال حراماً والحرام حلالاً، وهكذا فعندما هدموا أصول البيان الشرعي وهي القرآن والسنة وكسروا وحطموا وسيلة هذا البيان وهي اللسان العربي المبين أصبح الاستهزاء بالدين والتلاعب به والسخرية من أهله هو أعظم صفات الباطنية التي تعتبر الثورة الخمينية والنظام الإيراني القائم الآن هما الامتداد والوريث الحقيقي لها.
وهذا ما أغرى أعداء الإسلام قديماً وحديثاً باتخاذ هذه الطائفة ومعتنقي هذا الفكر مطية لتحقيق أغراضهم وأطماعهم في النيْل من الإسلام والمسلمين.
إن الأساس الذي قامت عليه الثورة الخمينية هو ما يُعرف بنظرية (ولاية الفقيه) التي تعتبر الموجه للسياسات العامة للنظام الإيراني، وليس خافياً على الباحثين في العقائد والمذاهب الفكرية. إن نظرية ولاية الفقيه هي امتداد المقولة البابية والبهائية التي جوهرها ولبّها هو القول بنسخ الشريعة الإسلامية وإبطال العمل بالقرآن، وليس مصادفة أن يكون منشأ هاتين الفرقتين هي بلاد إيران، فنظرية ولاية الفقيه أخرجها وابتدعها صاحب الفرقة الشيخية وتلقفها منه تلميذه كاظم الرشتي وخرج من عباءتها أي - الشيخية - البابية ثم البهائية التي أعلنت حقيقة هذه النظرية - ولاية الفقيه - وهي أن النبوة المحمدية قد بطلت وأن الشريعة الإسلامية قد نسخت، وأن الباب ومن بعده البهاء قد ابتدؤوا عصراً جديداً وشريعة جديدة، ثم جاء الخميني وأحيا هذه المقولة وجعل الفقيه نائباً عن الغائب والمنتظر لكنه يملك حق نسخ الشرائح وحق التشريع والإلزام مع ما في موروثة الفكري والعقائدي من القول بتحريف القرآن، فأحيا بذلك الفكر الوثني المناقض للإسلام، وسعى إلى زعزعة أمن واستقرار العالم العربي والإسلامي، وإحياء الحروب والفتن الطائفية كل ذلك خدمة للصهيونية والصليبية العالمية التي ترعاه وترعى مشاريعه التدميرية.
فقد رأت اليهودية العالمية والغرب الصليبي بشقيه الشيوعي والرأسمالي، رأى هؤلاء جميعاً في بلاد إيران والنظام الإيراني نقطة ضعف في العالم الإسلامي ومنطقة رخوة يؤتى الإسلام وأهله من قبلهم يتم من خلالها تقويض قوة الإسلام والمسلمين وخلخلة المجتمع المسلم والنيْل من مبادئه وأصوله وعقائده وتشريعاته. لقد سلك النظام الإيراني منهج العداء السافر للمسلمين، ومنهج العداء الخفي والمبطن لقواعد الإسلام وأصوله التي أعظمها إفراد الله بالعبادة والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم، والحال هذه ليست نفاقاً بل تجاوزت النفاق، فالمسيطر على الفكر الديني لدى النظام الإيراني هو تلك الأساطير المنطوية على تأليه البشر والتلاعب بنصوص الوحي وإسقاط نقلته كخطوة ضرورية لإسقاطه لتحل محله الروايات والأخبار المكذوبة ليبقى الاتباع في عزلة وقطيعة تامة مع المجتمع الإسلامي الكبير، فالثورة الخمينية والنظام الإيراني الذي يمثلها تعتمد منهجاً تربوياً يقوم على تحريف الشرع وإلغاء العقل، وإذكاء العاطفة المنحرفة وتكريس الخرافة والأسطورة والحرص على إبقاء جذوتها مشتعلة طوال العام، وذلك من خلال الأعياد والأيام والمناسبات والمآتم، التي تستهلك الكثير من أيام العام، فيبقى الاتباع تحت ضغوط هذا الكم الهائل من الحراك المذهبي والاجتماعي الذي يصب في هدف واحد فقط هو تسخير المجتمع الإيراني لمطامع الباطنية الخمينية ونشر أحقادهم وتحقيق أحلامهم في تدمير الإسلام والمسلمين، ورأينا كيف تم تدمير بلاد العراق وسوريا، بل كيف دمّر هؤلاء بلاد إيران نفسها، وكيف يحاولون ذلك في بلاد اليمن والخليج من خلال أدواتهم وأساليبهم التي لم تعد تخفى على أحد، فتصدير الثورة الخمينية الباطنية، وإشعال الحروب الطائفية في المنطقة، وكذا البدء في تنفيذ الخطة الخمسينية أو ما بات يعرف ببروتوكولات آيات قم، وبقطع النظر عن مشروعيته حسابات ما يُعرف بالربيع العربي، فقد كانت الخطة الخمينية تشتمل ضمن بنودها على وجوب إيجاد قطيعة بين علماء الإسلام وبين الأنظمة الحاكمة لتلك الدول والقيام بالتحريض وإثارة الاضطرابات، ثم تحريض الأنظمة والحكومات على أولئك بهدف إثارة العامة على تلك الحكومات التي ستواجه أولئك المتأثرين بالقمع، فيتحقق للنظام الإيراني وللحركة الصهيونية التي تقف وراءه نتائج محصلتها سوء ظن الحكام بالعلماء وأهل الرأي والفكر، ونمو الحقد والعداء بين الطرفين وضياع مكانة أهل اإسلام وضياع سلطتهم أو ضعفها وإحجام تلك الدول على نشر الإسلام والدعوة إليه مما يفسح المجال للمد الباطني الذي يتبناه النظام الإيراني للتمدد في داخل جغرافية العالمين العربي والإسلامي باسم الإسلام، وقد رأينا مبادئ هذه المرحلة وكيف تعاملت الصهيونية العالمية والنظام في طهران مع ظاهرة ما يُعرف بالربيع العربي، وكيف تمت شيطنة الإسلام ما عدا المذهب الباطني مدعومين في ذلك ببعض المخدوعين من المسلمين، لولا ما قيّضه الله على يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - الذي وأد الفتنة وأطفأ شررها وأعاد المشروع الصهيو - إيراني مائة عام إلى الوراء، ومع ذلك فإن النظرة الإستراتيجية للنظام الإيراني للمنطقة لا ترتكز على الفكر الديني، وإن كان هو أهم تلك المرتكزات، بل هناك أطماع تاريخية، ومصالح اقتصادية، وتحالفات مع الأعداء التقليديين للأمة، فيجب علينا قراءة مفردات ومنهج إيران خصوصاً بعد الثورة الخمينية، وفهمه واستيعابه، حتى لا نخفق في معالجة هذا الخطر المحدق بنا.