السبت، 26 مارس 2016

التنمية وحقوق الإنسان

د. عبد الله بن عبيد الحافي
التنمية بمفهومها الشامل تجمع بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، فالتنمية الاجتماعية تستهدف تحسين مستوى المعيشة للأفراد، والتنمية الاقتصادية تستهدف القدرة على الإنتاج وتبادل السلع وتقاس بمعيار محدد وهو مقدار نصيب الفرد في الدخل القومي، وتدخل في ذلك تنمية الموارد البشرية، ولكي يبقى المجتمع موحداً متماسك البناء فلا بد أن تطبق الشروط اللازمة لتحقيق هذا الهدف السامي النبيل أخذاً بمبدأ العدالة في كافة الشؤون.
إن قطاع التنمية بجوانبه المتعددة كالتعليم والرعاية الصحية والمرافق الخدمية والإدارية والمواصلات والاتصالات والبُنى التحتية المصاحبة لها، لهو من أشد المتطلبات لكل مواطن ينشد الحياة الآمنة الكريمة.
وتوفير هذا المطلب يحتاج إلى جهود صادقة وسواعد أمينة تنتهج المناهج العلمية التي تقوم على الإحصاء الدقيق والتخطيط الذي يسبق أي عمل وأي قرار فهما يسبقان جميع الوظائف الإدارية الأخرى فهما الأصل لما بعدهما، وأن يكون ذلك في ضوء الحقائق الماثلة للعيان.
حينئذٍ فقط يكون القرار التنموي معتمداً على السند الوطني الحقيقي والسند العلمي المعرفي في قوانين إدارة الدولة، وهذا هو الفارق والعلامة التي تفرّق بين اتباع الأهواء والرغبات الشخصية لمراكز قوى نافذة وبين المصلحة الوطنية العامة وشتّان بين الأمرين، فاستهداف المصلحة الوطنية العامة شرط لمشروعية أي عمل تقوم به الإدارت الحكومية في مجالات التنمية وإلا كان عملها انحرافاً بالسلطة واستغلالاً للنفوذ يدخل فاعله تحت طائلة المسؤولية.
إن كل مواطن مسؤول عن التنمية، والمواطن الموظف تتضاعف مسؤوليته باعتباره مؤتمناً على جزء من التنمية الشاملة.
وحرصاً على تحقيق مبدأ العدالة في التنمية وحماية مصالح المواطنين من الإضرار بها بأي وجه كان، فقد نصَّ نظام الخدمة المدنية على تجريم الموظف عندما يستغل سلطته الوظيفية ونفوذه في تحقيق مصالحه الخاصة مهدراً بذلك مصالح شرائح عريضة من المجتمع وتهميشهم وحرمانهم من حصتهم من التنمية في التعليم العام والعالي أو في الرعاية الصحية أو البلدية أو المرافق الإدارية أو غير ذلك من الحقوق.
كما أن الإخلال بالشروط والمواصفات اللازمة للعمل التنموي وتقديمه بصورة مشوهة لا تحقق الغاية النبيلة التي يطمح إليها ولاة الأمر، بل تعود على المجتمع بالضرر مع كونها وسيلة مستمرة لهدر المال العام هو تعويق لمسيرة التنمية.
لذا فقد جاء في نظام الخدمة المدنية في المادة (12/أ/ب) (يحظر على الموظف خاصة إساءة استعمال السلطة الوظيفية واستغلال النفوذ.
وجاء في اللائحة التفسيرية لهذه المادة: "يحظر على الموظف استعمال سلطة وظيفته ونفوذها لمصالحه الخاصة، وعليه استعمال الرفق مع أصحاب المصالح المتصلة بعمله".

وهذا النص يدخل في عمومه جميع موظفي الدولة، فالموظف هو: كل شخص يساهم في خدمة مرفق عام تديره الدولة، وذلك عن طريق شغله بصفة دائمة منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق. إن الإخلال بمبدأ الأمانة والعدالة في التنمية نقض لعُرى الوطنية

هناك تعليقان (2):